التنمية البشرية
تنمية بشرية- 2021 Mar 10

التنمية البشرية

"شخص واحد يؤمن بقدراته ويُصِر على تحقيق أهدافه أفضل من 99 شخصًا لا يملكون سوى الأماني" (جون ستيوارت) جميعنا يمتلك عدد لا نهائي من الأماني والأحلام، ولكن القليل فقط هم من يتمسكون بأهداف تم وضعها بدقة، ويقاتلون من أجل الوصول لحلم واضح ومحدد، ما هي الأهداف الحياتية وكيف يمكننا تحديدها والعمل عليها؟                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                              

ما الأهداف التي يجب أن نسعى إليها في الحياة؟

قد يبدو السؤال في ظاهره أجوفًا لا هدف له ، باعتبار أننا جميعًا نسعى للنجاح ، ولكن في حقيقة الأمر هذا السؤال يحمل العديد من الأبعاد، فأي نجاح تسعى إليه، وما هو الدافع الذي سيحركك نحو هدفك؟ ومتى يمكنك القول بأنك تأخرت في تحقيق هذا الهدف؟

إذا لم تتمكن من الإجابة على مثل هذه الاسئلة، فتأكد أن حياتك خالية من الأهداف، وأنك لم تخوض غمار المنافسة والتحدي من قبل، وربما حان الوقت لصياغة أهدافك وترجمة طموحاتك ومهاراتك إلى خطوات ومراحل يسهل تنفيذها على أرض الواقع.

لا يتسنى لأي فرد منا أن يحدد لك أهدافك، لأن عملية إصابة الهدف معقدة ومتباينة تختلف من شخص لآخر، ولكن ما يمكننا الوقوف عليه هو مساعدتك في تحديد مهاراتك، وميولك نحو المستقبل، خلال الإجابة على الاسئلة التالية:

1- ما هي قائمة أحلامك؟

2- ما المجالات التي تهتم بها وتبحث عنها باستمرار؟

3- ما المهارات التي تمتلكها أو تسعى لتعلمها؟

4- من هو قدوتك قديمًا وفي الوقت الحالي؟

5- بماذا تشتهر بين الناس؟

اسرد قائمة أحلامك وأولوياتك، وكن صادقًا مع نفسك لتحديد نقاط قوتك وضعفك، والمهارات التي تمتاز بها حقًا، وستتمكن بعد قليل من التفكير أن تصل إلى أهداف واضحة.


أهمية تحديد الأهداف

إن أولى فوائد تحديد الهدف هي الشعور بالمسؤولية، المسؤولية التي ستدفعك لتحرير كل ما لديك من طاقة في سبيل الوصول إلى هدفك، المسؤولية التي ستحدد خطواتك اليومية وتخلق لديك الرغبة في مواصلة مسيرتك.

وجود هدف واضح ومحدد أمامك سيجعلك تستغل وقتك أفضل استغلال، استعدادًا للإجابة على السؤال الذي ستطرحه على نفسك كل يوم "ماذا أنجزت من هدفي اليوم؟"، أهداف واضحة تعني أنك ستبحث عن أسرع وأفضل الطرق لإنجاز مهامك اليومية،

مما يجعلك تشعر بالرضا عن النفس، والرغبة في إنجاز مهام الغد كاملة، ومع الاستمرار سيتولد لديك الاستقرار النفسي، والهدوء الداخلي، لأنك تعرف ماذا تفعل، ولماذا تحمل تلك المسؤوليات على عاتقك.

الإصرار على الوصول مهما واجهت من عوائق، لأنك تمتلك الدافع الذي يحركك نحو هذا الهدف، لذا سوف تبحث دومًا عن حلول لمشاكلك باعتبارها عقبات لابد من مواجهتها.

وعلى صعيد آخر ستلوح لك الإيجابية كلما نظرت إلى هدفك، والجزء الذي قمت بإنجازه منه، ومعرفة ما تبقى لك، وما هي مكافأتك بعد الانتهاء.


كيف يمكننا تحديد أهداف صحيحة؟

عندما نتحدث عن تحديد الأولوليات ورسم الأهداف فلابد من الرجوع إلى هذه القاعدة "SMART Goals" والتي تعتمد على خمس محاور أساسية:

1- أن يكون هدفك محدد Specific

ومعنى ذلك أنه يجب عليك وضع إجابات واضحة لهذه التساؤلات:

  • من: من سيشاركك في هذا الهدف؟
  • ماذا: ماذا تريد أن تنجز؟
  • أين: أين سيتم تحقيق هذا الهدف؟
  • متى: متى ستبدأ ومتى ستنتهي؟
  • لماذا: لماذا تريد تحقيق هذا الهدف؟

على سبيل المثال، قد يكون الهدف العام هو "ضبط لياقتك البدنية" سيكون الهدف الأكثر تحديدًا هو "الحصول على عضوية في صالة الألعاب الرياضية والتمرين أربعة أيام في الأسبوع لمدة ثلاثة أشهر للتخلص من الوزن الزائد في المرحلة الأولى"، إذا تفحصت الجملة السابقة ستجد إجابات الاسئلة الخمس.


2- هدف قابل للقياس Measurable

يجب أن يحتوي هدفك على معايير لقياس التقدم، لأنه إذا لم تضع معايير محددة، فلن تكون قادرًا على تحديد مدى تقدمك وما إذا كنت على الطريق الصحيح للوصول إلى هدفك، أم أنك على خطأ، ولجعل هدفك قابلًا للقياس، اسأل نفسك:

  • ما الرقم الذي أرغب في تحقيقه في كل مرحلة؟
  • كيف أعرف أنني وصلت إلى هدفي؟
  • ما هو مؤشر التقدم الخاص بي (اليومي والأسبوعي والشهري)؟

بناءً على الهدف السابق: أريد الحصول على عضوية في صالة الألعاب الرياضية، والتمرين أربعة أيام في الأسبوع، لا يمكننا تحديد مؤشر يومي، لذلك سنحدد الوزن الحالي لمعرفة عدد الكيلو جرامات التي نرغب في خسارتها، لنقوم بتقسيمها على فترة محددة، مثلًا سأهدف إلى خسارة نصف كيلو جرام من الدهون كل أسبوع.

3- الهدف قابل للتحقيق Achievable

يجب أن يكون الهدف قابلاً للتحقيق لأن الحماس الزائد ووضع طموحات خيالية، قد يصيبك بالإحباط لعدم ملاءمة الهدف وعدم القدرة على إنجازه، لذلك اسأل نفسك أولًا:  

  • هل أمتلك الموارد والقدرات لتحقيق الهدف؟
  • ما الذي أفتقده، وهل يمكنني تعلمه؟
  • هل نجح فيه الآخرون من قبل؟

 كن صادقًا مع نفسك عند تحديد المتطلبات والموارد والمهارات، لأن ضياع أحد هذه الأجزاء سيسبب لك صعوبة في إحراز هدفك فيما بعد.

4- هدف واقعي Realistic

ما نقصده بالواقعية هنا هو أن تحدد مدى قدرتك على الالتزام اليومي بالعمل، فلا تأخذك حماسة الشباب أثناء التخطيط، وتصدر وعودًا خيالية بأنك ستعمل لمدة 20 ساعة يوميًا، فهذا الرقم غير منطقي! 

  • هل الهدف واقعي وفي متناول اليد؟
  • بالنظر إلى الوقت والموارد هل سأتمكن من تحقيقه؟
  • هل أنت قادر على الالتزام بهذه الخطة؟
  • ما هي دوافعك جراء هذا الهدف؟
  • كيف ستتغير حياتك بعد تحقيقه؟

إذا تابعنا المثال السابق، من الجيد أن تخسر من 2-3 كيلو جرام شهريًا، ولكن ليس واقعيًا أن تخسر 30 كيلو جرام من وزنك في الشهر الواحد!

5- ربط الهدف بوقت محدد Timely

حدد تاريخ البدء والانتهاء، لأنه ما لم يكن هدفك مقيدًا بالوقت، فمن أين ستستمد شعور الإلحاح والرغبة في الإنجاز، وبالتالي سيكون لديك دافع أقل للإنجاز، اسال نفسك:

  • ما هو تاريخ البدء؟
  • ما هو تاريخ الانتهاء؟
  • متى ساقوم باختبار ما انجزته؟

إذا وصلت إلى هنا فأنت الآن تستطيع تحديد أهدافك والتخطيط لها جيدًا بأسلوب علمي منظم، ويمكنك كتابة هدفك في جملة واحدة تحمل كل الإجابات، ووضعها نصب عينينك والعمل عليها، ولكنك تحتاج فقط إلى بعض المهارات للتغلب على الصعاب التي ستواجهك في طريقك.


ما مدى تأثير الأهداف على مستقبلك؟

أهدافك هي هويتك الخاصة، ونافذتك للمستقبل، وبدونها سوف تتحرك تبعًا لأهواء الآخرين، ولن تصل إلى شغفك، ولكن يلزمك الإصرار للوصول إليها، كما يقول ماريو اندريتي:

 "الرغبة هي مفتاح التحفيز، ولكن التصميم والالتزام بالسعي لتحقيق هدفك -الالتزام بالتميز- سيُمكنانِك من تحقيق النجاح الذي تسعى إليه."

الالتزام بالخطة التي وضعتها وتقييم آدائك في الموعد المحدد، هو كلمة السر الصحيحة لإصابة الهدف، لأن مجرد وضع الخطط وسرد الأحلام ليس إلا خطوة واحدة على الطريق، وباقي الخطوات هو الأمل، والرغبة، والتجربة، والعمل الدؤوب.

معرفة خطواتك المستقبلية وتحديد أولوياتك في حد ذاتها يعطيك نظرة تفاؤلية لمستقبلك، والتزامك بالخطط التي وضعتها، والسعي المستمر للتغلب على الصعاب وحل المشاكل التي تواجهك، سيضاعف ثقتك بنفسك، لأنه غالبًا ما يزدهر البشر بالتجربة والمكافأة.

لا تنظر إلى محاولاتك غير الناجحة على أنها إهدار للوقت والجهد، فتلك النظرة التشاؤمية لن تُجدي على الإطلاق، بل يجب أن تبحث عن الاستفادة التي حققتها من تلك المحاولة، ماذا تعلمت، وكيف ستستفيد من تلك التجربة.

كيف ستحقق أهدافك؟

ستحققها بدافع النجاح، ستحققها بدافع الإنجاز، بدافع التفوق، بدافع الحصول على المكانة العلمية المرموقة، أو بدافع الالتحاق بوظيفة بعينها، أيًا كان حلمك فلابد أن يكون له دافع قوي ومؤثر في حياتك كي يجذبك نحو الهدف.

يقول توماس أديسون "إذا فعلنا جميعًا الأشياء التي نستطيع القيام بها، فسوف نذهل أنفسنا" الأشياء التي نحبها هي الدوافع التي تحثنا على الاستمرارية، الأشياء التي نحبها هي الأهداف المتوافقة مع قدراتنا الخاصة، والتي ستؤهلنا لنحيا الحياة التي نريدها.

تأمل جيدًا مقولة (كارين لامب) "بعد عام ستتمنى لو أنك بدأت اليوم"، ضع هذه العبارة في قائمة أهدافك، كي تدرك جيدًا أهمية الوقت، وأن كل دقيقة في يومك لابد من توظيفها،

لا أقصد قضاء 24 ساعة في العمل، إنما اريد التنويه على أهمية تنظيم الوقت والموازنة بين الحياة العملية والعلاقات الشخصية والاجتماعية وتكريث بعض الوقت للهوايات وتجديد الطاقة.

نصيحتى وليد عبده اليكم

يبدأ النمو الشخصي عندما نبدأ في معرفة من نحن، عندما يكون لدينا الجرأة والشجاعة لتحديد نقاط الضعف قبل سرد نقاط القوة ، عندما نتحدث عن أهدافنا وكأنها مستقبل واضح المعالم وليست مجرد أحلام.

اتوجه بهذا الحديث إلى أبنائي الطلاب ليس باعتباري مدرس biology ( علم الاحياء ) في طنطا ، ولكن بدافع الأخوة، لكي يتمكن كل طالب من الوقوف على حلمه وألا يترك نفسه لقمة سائغة لأهداف الآخرين.

إذا كان لديكم أي استفسار سأكون سعيدًا بالرد عليكم ... وليد عبده  

تصفح المزيد
المدونات المشابهه